بعد الفوز على بوركينا فاسو و الوصول لنهائى امم افريقيا شاهد مباراة مصر وبوركينا بالعقل وليس بالعين
رحلة داخل عقول المديرين الفنيين لكلا الفريقين ونجتهد لإبراز النواحي التكتيكية المتخصصة التي كانت موجودة في المباراة ونضيف عليها ما كان يجب أن يكون متواجدا حتي تصل كرة القدم بشكلها المتخصص داخل عقل القارىء.
لا نريد أن نعكر فرحة الفوز بالحديث عن سوء الأداء .. هل فعلا نحن نعاني من سوء أداء أم سوء حظ وإصابات لعينة وملعب لا يصلح .. الحقيقة لها وجوه أخري
سيطرت بوركينا طولا وعرضا علي كل شبر في أرض الملعب ولكن تبقي دائما المنطقة المحرمة ( محرمة ) علي كل الفرق .. لم تستطع كل سرعات غانا والمغرب وأطوال مالي وبوركينا ومهاراتهم جميعا في إختراق مرمي الفراعنة سوي بكرة واحدة تخلينا فيها عن التنظيم في قلب منطقة الجزاء الذي يميزنا طوال الوقت.
خرج جبر من مكانه ليس خطأ ولكنه محاولة للتغطية علي فتحي الذي لعب مصابا ولكن جناح بوركينا تراوري كان أسرع في التفكير فلعب الكرة للخلف ..تريزيجيه كان يقف علي بعد خطوات من كابوري ولكنه لم يعد قادرا علي الركض بسبب المجهود الهائل الذي بذله طوال البطولة أمام فرق لم تعاني مثلما عانينا في كل المراكز.
حراسة المرمي خط الدفاع خط الوسط خط الهجوم ..لدينا إصابات في كل الخطوط ولدينا في بعض الأوقات لاعبين بدون بدائل حقيقية وهذا الأمر يحسب علي كوبر ورغم ذلك فقد أشركنا 21 لاعبا من أصل 23 لاعبا ولم يشترك فقط حتي اللحظة شريف إكرامي وأحمد دويدار .
حاول أن تشاهد المباراة مرة أخري وأنت بأعصاب هادئة ستجد بوركينا ليست مثل بوركينا التي شاهدتها وأنت متوتر وتدعو بالنصر في كل لحظة .. ستجد فريقا يسيطر ولكن خطورته الحقيقية في السيطرة وليست في إنهاء الهجمات.
حتي السيطرة لم تكن بسبب تفوق ساحق من قبلهم ولكنك حاولت تنظيميا أن تعيقهم ولكن جهدك البدني والخوف من غيابات أخري قد تدفع بأفراد الجهاز الفني للعب في مباراة النهائي بدلا من اللاعبين.
طارق حامد ..إرتكاز الوسط الذي لم يقدر علي القيام بالتدخلات خوفا من إنذار ثان وأنت لا تملك بديلا أخر في ظل توظيف مختلف للاعبين مثل فتحي وإصابة النني ..سبب أخر لجعل بوركينا تتناقل الكرة بدون ضغط.
رغم ذلك كنت أفضل منهم في قطع الهجمات عند حدود المنطقة .. يمكنك مقارنة ذلك بوضوح في هدف محمد صلاح وتناقل الكرات بشكل سلس وتحضير ممتاز من كهربا وتسديد متقن من فتي الفراعنة الذهبي دون ضغط قوي ..وأين علي خط منطقة الجزاء ! .. حتي في تسديدة تريزيجيه ..ومع إشتراك رمضان الأكثر جاهزية بدنيا رأيناه يتلاعب بستيف ياجو الظهير الأيمن لبوركينا بسهولة ( آه لو إمتلكنا وقتا كافيا للإستشفاء ) كنا أفضل منهم في ذلك لم يتوان إبراهيم صلاح وطارق حامد وجبر وحجازي وكل أفراد الدفاع في أن يرموا بأجسادهم كي لا تصل تسديدة للحضري.
وصلت تسديدات معدودة علي مرمي الحضري أخطرهم كانت ( قلشة ) من ناكولوما الجناح الذي أختار دوارتي أن يناور به لكسر حائط الصد المصري.
ناكولوما يلعب جهة المحمدي ولكنه لم يقف كثيرا هناك ..توغل للعمق حاول أن يستوطن المساحات خلف حامد وإبراهيم ..خدعة كي يجعلهم يتحركون رويدا لأطراف الملعب وتبقي مهمة رزاق وتوري وكابوري ثلاثي الوسط أسهل في إمتلاك وسط الملعب ..أو بالأدق إختراق عمق المنطقة مع بانسيه
كوبر كان عليه فور تسجيل الهدف المصري أن يجعل تريزيجيه ينضم لعمق وسط الملعب وأن يجعل كهربا جناحا أيسر ..الأمر الذي كان سيخفف الضغط شيئا عن حامد وإبراهيم صلاح وسيجعل بوركينا تنطلق أكثر للأمام وربما نجد مساحة كالتي وجدناها من قبل.
هل تذكر حكاية غانا ؟ في برج العرب لعب صلاح في نهاية المباراة كرأس حربة وكان يتأخر كثيرا وتمت حماية الوسط بعبدالله والنني وحامد ولعب تريزيجيه وصبحي علي الأطراف ..نعم كنا مضغوطين كما حدث بالأمس ولكننا صعدنا بالكرة في لعبة واحدة وأحرزنا منها هدفا ثانيا .. كنت أتمني تحقيق ذلك أمام بوركينا ولكن الفوز القيصري الذي يرفع مستوي الأدرينالين في الدم يجعل بصمته تنطبق علي أفكارك وتتوغل في روحك كما تتنفس تماما ..فلا تنساها طيلة عمرك مهما طال بك الزمن وتتذكرها كما لو كانت وليدة اللحظة.
نعم لم يكن إستغلال كهربا جيدا في المباراة .. كان عليه التحرك دائما خلف ياجو الظهير الأيمن يتحرك كما لو كان يلعب جناحا أخر وليس رأس حربة ..نفس الأمر كان لعمرو وردة ولكن وكأن القدر أراد لنا أن نستكمل معا رحلة الإنتصارات الصعبة التي بدأت في كادونا وبرج العرب والجابون.
من قلب الإحباط يولد الأمل .. ركلة أولي من عبدالله ضائعة ( يا الله ) أفضل المسددين المصريين يضيع أولي الركلات مع إحساس بعدم وجود الحضري في الثلاث ضربات الأولي ولكن كما يقال (ضاقت ولما إستحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظن أنها لا تفرج ).
وكأن الحضري أعاد ذاكرته للوراء 11 عاما أمام دروجبا وبعد ذلك أمام النجم الساحلي والجيش الملكي ليعود لنا بصد ضربتي جزاء متتاليتين لتنطلق فرحة جنونية حتي بين جدران بيوتنا لتهتف (ااااااااااه ).
أخيرا .. يمكنك أن تنسي كل ما قلته وتقول أنني شاهدت مباراة أخري ولكن تذكر دائما أني قلت في البداية أن الحقيقة لها وجوه أخري وأن تحاول أن تشاهد المباراة مرة أخري بأعصاب هادئة ستجد أن هناك أبطالا قدموا أقصي ما يمكن في بطولة هي الأصعب علينا في كل شىء.
صورة تعبر عن الف كلمة .. نظرة عبدالله السعيد لآلان تراوري عندما تواجهها أثناء توقف اللعب والتقطتها كاميرات النقل التليفزيوني (لسنا بهذا الضعف ولا أنتم بمثل هذه القوة)
Leave a Reply