جنايات دمنهور تقرر وقف نظر جناية وإحالتها للدستورية العليا لحضور المحامى بدون المتهم
فى أول حكم من نوعه عقب صدور قانون الإجراءات الجنائية جنايات دمنهور تقرر وقف نظر جناية وإحالتها للدستورية العليا لحضور المحامى بدون المتهم
كتب – عبد السلام شعيب
قضت محكمة جنايات دمنهور قبل قليل، برئاسة المستشار الدكتور شوقى الصالحى، وعضوية المستشارين أحمد حسام النجار وشريف عرابين، بوقف نظر الجناية رقم 8390 لسنة 2016، المتهم فيها “أشرف. م. م”، لحين الفصل فى مدى دستورية المادتين 395 و384 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل، الذى بدأ العمل به مؤخرا، فيما تضمه من أحقية المتهم بارتكاب جناية أن ينيب عنه محاميا للحضور بدلا منه، وذلك خلافا لما كان متبعا من قبل، إذ كان القانون يوجب حضور المتهم بشخصه أمام محكمة الجنايات، وقد استحدث المشرع المصرى هذين النصين فى غضون الأيام الماضية، إذ بدأت المحاكم العمل بموجبه مؤخرا.
وقالت المحكمة، إن تلك الجناية التى تخلف المتهم فيها عن المثول أمام المحكمة، بينما مثل محاميه بوكالة خاصة، هناك عدة أوجه تجعل هذين النصين مشوبين بشبهة عدم الدستورية، أولها كما أوردها المستشار أحمد حسام النجار عضو اليمين بالمحكمة، أن هذه التعديلات لم تمس إجراءات المحاكمة المتبعة أمام محكمة الجنايات، ولا طرق الطعن على أحكامها، كما أنها اقتصرت على تعديل إجراءات نظر الطعن بالنقض، فأوجبت على محكمة الطعن التصدى لنظر الموضوع إذا ما انتهت إلى نقض الحكم للأسباب المنوّه عنها بتلك التعديلات.
وأشارت المحكمة إلى أنه، لما كان المشرع قد أورد هذين النصين مطلقين من كل قيد، فقد شابتهما عيوب تشريعية جسيمة، كشفت وجود عوار تشريعى ينحدر بهما إلى مرتبة عدم المشروعية لمخالفتهما للمبادئ الدستورية المقررة، وعلى رأسها مبدأ المساواة فى الحقوق والواجبات، إذ إن المواطنين أمام القانون سواء، وهو ما أكده الدستور بالمادة 52، التى حظرت كل أشكال التمييز فيما بين الأفراد ذوى المراكز القانونية، بانتهاك أى نص من نصوص قانون العقوبات أيا كانت مرتبته الإجرامية، سواء جنحة أو جناية، إنما يتحدد ويتماثل على هذا الأساس، ومن ثم فلا يجوز للمشرع إصدار قانون يخل بتلك القاعدة الدستورية، سواء بالمنح أو المنع أو التقييد أو الإباحة، طالما لم تشمل جميع المتهمين متماثلى المراكز القانونية على النحو سالف البيان.
وطعنت المحكمة بعدم الدستورية للأسباب الآتية: إطلاق النص المطعون عليه فيما أجازه متعلقا بحضور محام نيابة عن المتهم بجناية دون قيد، فرغم جسامة الاتهام والعقوبة فقد أجاز القانون ذلك فى كل أنواع الجرائم الموصوفة بوصف الجناية، خلافا لما يشترطه القانون عند نظر محكمة الجنح، وهى تتولى الفصل فى القضايا ذات المرتبة الأدنى، من حيث درجة التجريم والعقوبة، ومن هذه الشاكلة ما جرى عليه نص المادة 463 “أ ج” فيما تضمنته من وجوب حضور المتهم بشخصه أمام محكمة الجنح حال اتهامه بارتكاب جنحة السرقة، وحال كونه عائدا أو ليس له محل إقامة ثابت بمصر، وبالتالى فإن ما كان مقيدا أمام محكمة الجنح صار متاحا أمام محكمة الجنايات.
وأضافت المحكمة، أن هذين النصين ينطويان على تعارض صارخ لنص المادة 469/ 1 ج، فيما نصت عليه متضمنا أن الطعن بالنقض لا يوقف تنفيذ الأحكام الجنائية النهائية، وبما يعتبر تطويقا لهذا النص المستقر من مضمونه، وتحايلا عليه، لا سيما أن القانون لا يسمح للمتهم بإنابة محام للحضور بدلا منه أمام محكمة الجنح المستأنفة، حال تصديها لنظر الاستئناف المقام منه بشأن الحكم الصادر بإدانته من محكمة أول درجة، إذا ما كانت الدعوى تم تحريكها بالطريق العمومى، وهى مفارقة تكشف عن عوار تشريعى جسيم، سيما أن الأحكام التى تصدر فى الحالتين على نفس الدرجة من الحجية لكونها تتمتع بالصفة النهائية وإن اختلفت فى درجة التجريم.
كما أضافت المحكمة، أنه إزاء هذا الخلل التشريعى وإطلاق النص متحللا من كل قيد، فإنه فى تطبيقه العملى قد أفضى إلى تفاوت المركز القانونى فيما بين المتهمين، بل ويمنح أفضلية إجرائية للمتهم بجرم الجناية، ويسلبها من قرينة مرتكب الجنحة، ومن مثال ذلك أن القانون يوجب حضور المتهم بشخصه حال ارتكاب جنحة السرقة البسيطة، بينما لا يشترط ذلك حال ارتكاب السرقة المقترنة بالقتل، وطبقا لنص المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا يحق للمحكمة إحالة النص محل الطعن للفصل فى مدى دستوريته.
Leave a Reply